التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكابوس



 عندما فاضت روحها إلى الكريم؛ رأت ما لم يُدركه عقلها ولن يخطُر علي أفكارها، رأت حقيقة مُؤكدة، مُغلفة بحِفنة من الهلاوس السمعية والبصرية؛ ف البِداية كانت ضياء مُشع، مُتوهج علي بُعد آلاف الأميال؛ ظنت أنه أحد الكواكب أو النجوم، ولكنه بدأ يتحرك ويقترب من الأرض في سرعة مُخيفة، غير مُتوقعة؛ يُصاحبه دوي صاخب يُشبه دوي صخب طائرة حربية إخترقت مجال الصوت، لم يَلبث أن يرتفع الصوت أكثر فأكثر وسرعة إقتراب هذا (الشيء) من الأرض  جُنوني، شاذ وغير مسبوق، حتى تسلل إلى قلبها رعب و ذعر و صدمة  من ظاهرة غريبة، و شيء مجهول....لم تكن سوى لحظات حتي إِصطدم بالأرض فزلزلها زلزلة عظيمة وأشعل النيران بكل مكان، فأخذت تركُض وتركُض في أنحاء بيتها الصغير لا تدري ماذا تفعل أو بمن تستغيث؟، فمِن شُرفة المنزل راقبت تصادم جسم عملاق مشتعل بالأرض مُحدثاً هزة أرضية قوية وإشتعال نار عظيمة في المحيط، كان ذلك على بُعد عشرات الأمتار من المنزل ولا تزال ماهية هذا الشئ غامضة وغير واضحة!؛ فربما هذا ما يُسمونه "نيزك" لا تَدري، ولكن الغريب في الأمر أنها لم ترى أحد يستغيث أو يصرخ من الجيران أو حتي من أهل البيت سواها...هي فقط المذعورة، التائهة، الضعيفة والهالكة لا محالة، وكأن كل هذه الثورة الكونية تستهدفها هي دون غَيرِها، ولم يكن يَرضى هذا "الضيف" القادم في صورة "جحيم" أن يَحضر بمفرده بل و اصطحب معه أصدقاءه في هذه الرحلة إلي الأرض، فأخذت السماء تُرسل المزيد فيهبِط كُلاً منهم  بشكل مُخيف ليُدمر شئ ما ويُضرم به نيران عظيمة و في كل مرة كانت تسقُط فيها تلك المخلوقات في مكان ما؛ كانت تشعُر و كأن روحها تُغادر وترحل، و كم كانت تتمنى ذلك من كل قلبها، تُفضل أن تتنتقل للبرزخ مرة واحدة، على أن تهلك في لحظات من الرُعب ألف مرة،
لكن لا تزال بداخلها روح تشعُر و تُدرك كل ما يدور حولها، تشعر بالثورة الأرضية، بالنيران، بالهلع، بالهلاك يقترب منها، كانت تري الجحيم وتعيشه في كل شئ حولها مُشتعل بالنيران، في كل هزة أرضية عنيفة وفي كل صوت يتوعد لها الهلاك .... في هذه اللحظة؛ فكرت في أنه ربما ذلك هو "يوم الوعيد"، "يوم الحق"...! حتي وإن لم يكن هناك أحد سواها يجري ويبكي ويصرخ، فالعالم ينهار حولها وكل شئ يُدمر و يتلاشى؛ فبالتأكيد هو يوم "قيامتها".
للحظات بدأت تسترجع حياتها بكل ما فيها من أحداث، لتُدرك أنها لا تُريد المُغادرة، ليس الآن، كيف أواجه رب كريم، أمهلني ياربي، إرجعني أعمل عملاً صالحاً، يا ليتني قدمتُ لحياتي، لكن للأسف لقد آن الأوان. .. 
إصطدم زائر من الغُزاة بمنزلها فبدأ بيتها ينهار كل جِدار فيه واحداً تلو الآخر وهي تجري وتحاول الهرب من النيران والهلاك و من غُرفة لآخرى؛ حتى وصلت لأخر رُكن أمن في المنزل وقفت قبل أن تشتعل فيه النيران و تناولت الهاتف لتُحدث أُمها للمرة الأخيرة وتقول "الوداع يا أُمي، أشوفك في الأخرة"، لم تسمع أي إستجابة لمحادثتها ثم تُغمض عينيها حتي لا ترى النهاية، فتنقطع رحلتها بعالم ما بين البرزخ والدنيا،،،
بضربات قلب سريعة ونفس غير منتظم تفتح عينيها لتجد نفسها آمنة، دافئة في فراشها، مُستقرة ظاهرياً ...ولكن بداخلها ثورة هائلة، لا تزال ترتجف، مُزلزلة، مَصدومة، تنظُر حولها فتحمد الله أنها لا تزال تمتلك فُرصة لتحيا مرة أُخرى، لا تزال على قيد الحياة وأن كل ما عاشته كان كابوس؛ فبرغم قسوة هذا الكابوس إلا أنه رسم جُزء من صورة تفتقد الكثير من التفاصيل المجهولة، حقيقي أننا سوف نبلُغ يوماً ما النهاية ولكن لا تزال عقولنا غير مُدركة ماهية المشهد الأخير وأي كواليس تخيلناها لهذا المشهد لا تُمثل سوى جُزء من حقيقة لا يعلمها إلا الملك،........ثُم قامت تلملم شِتات نفسها وهي تستغفر و تستعيذ بالله مما رأته و تعقد العزم ألا تنسى ما رأته ولا تتهاون في فروضها وواجباتها، فربما كانت هذه رؤية تحذيرية أو ربما أوشك رصيدها على النفاذ، أياً ما كان .... هَول ما عاشته من أحداث إنطبع بداخلها و إستقر في قلبها تتذكره بين الحين و الآخر فتتوب وتستغفر و تستعيذ بالله من أهَوال يومٍ عظيم ومن يدري؛ فرُبما كان هدف الكابوس من البداية هو "التذكِرة". 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علي رأي المثل ( قصف جبهة )

نعم لقد قررت أن أقصف جبهة بعض الأمثال الشعبية المغلوطة ، المحبطة ، الفاسدة والتي أثرت سلبا علي ثقافة أجيال و أجيال ، ضاربة بعرض الحائط حفنة من العادات والتقاليد المتوارثة والتي رغبت كثيرا أن أتخلي عنها و أحطمها تماما كما أرجو من المتلقي إعمال عقله في بعض الأمثلة الشعبية المترسخة في أذهاننا منذ الأذل والتي سوف أطرحها ؛ . . . الموقف الأول : راجل يقرر إنه يهزر مع مراته ويفرسها شوية فيقولها ( أنا هتجوز عليكي ) أكاد أُجزم إن كل واحدة الرد جاهز في دماغها ، مترسخ ومستحضراه تماما و من التراث ؛ فتقوله هتت .... ايه ؟ ، قال علي رأي المثل : ( اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور ).... أرجوعزيزتي الزوجة بعد إستخدامك لهذا المثل ؛ ألا تغضبي حينما يقول لكي الزوج : إعمليلي كوباية شاي يا (قرعة) أو يدخل من الشغل ويقولك : ها عملتلنا ايه النهاردة علي الغدا يا (قرعة) أو مثلا في عيد ميلادك يكتبلك علي التورتة ( بحبك يا قرعة ) . أعذريني الحق عليكي لأنك سمعتي كلام ( القرعة ) اللي إخترعت المثل ، غير منطقي إن واحدة تُطلق هذا المثل ويظل لسنوات تستحضره كل بنات حواء في ...

عايزة ورد يا إبراهيم !

أول جملة قالتها يسرية لما بدأت المصارحة بينها وبين إبراهيم "عايزة ورد يا إبراهيم!"، لكن إبراهيم كان غير مستوعب؛ يعني هي دي أكبرمشاكلها؟ ليه إبراهيم مبيفكرش يشتري ورد؟! السؤال ده خلاني أذهب في جولة داخل عقول بعض الرجال، يمكن أفهم   ليه؟ مش  فاضي!..، عندي شغل!..، مش متجاهل لكن بنسى!..، مش بيخطر علي بالي!..، ما الحياة ماشية؛ فين المشكلة!..، هي إتعودت علي كده!..، همشي  بالورد إزاي؛ هيقولوا عليا ملزق!..، مكسل!..، ورد إيه إنتي عارفة كيلو الخيار بكااااااااااام! ما إنتوا مش حاسين بحاجة،، وطبعاً أول ما تسمع الكلمتين دول من حد لازم تسيبوا وتجري على طول لأن الشتيمة جاية في السكة............... ما علينا:( الله يسامحك يا عم، مُشكريييييين )،..  في كمان الواثق من نفسه ويقولك: مين قال مش بشتري ورد؛ طبعاً بشتري في "الفلانتين"! طب متكمل جميلك وأشتري ورد في وقت غير متوقع، لكن على العموم كتر خيرك مش هنقدر نقول إنك مش بتشتري ورد،..  و في   الراجل العاشق؛ اللي ممكن يغرق حبيبته بالورود بس بمُجرد ما إتجوزوا خلاص كل سنة وانتم طيبين ...  نسي مكان محل ...

طرف ثالث " أغنية مسافر" برنامج "الفرنجة"

كتير أوي سألت نفسي إيه الهدف من برنامج "الفرنجة" يعني المُقارنة اللي بتحصل في البرنامج بين مصر و غيرها هدفها ايه؛ يعني تحس إنك عايز تسيب البلد و تهاجر لما تتفرج على أوروبا و الدول المتقدمة وبعدها يلحقوك بتتر النهاية   و هي أغنية "مسافر" لعدوية وأبو واللي كلها شجن و حنين للبلد فتقول لأ خلاص أنا قاعد مش هسيب البلد. بمناسبة تتر النهاية، كل مرة بسمعه بتأثر صحيح لكن بحس إن في حاجة غلط يعني مثلاً ردود (أبو) كانت عايزة تبقى أقوى من كده شوية، خاصة إن حُجة (عدوية) كانت ضعيفة أوي، وإن كنت إلتمست ل(أبو) العذر لأنه مراعي فرق السن بينه و بين (عدوية) فمكنش عايز يقرص عليه و يكسفه فقررت إني أكون طرف ثالث و أعلق و أرُد بطريقتي. تتر( برنامج الفرنجة) للفنان أبو و الفنان أحمد عدوية: أبو: "هلم الهدوم والهموم واللعب.... أنا: ثانيه واحدة ليه الهموم مع الهدوم، خد الهدوم وسيبلنا إحنا الهموم، يلا توكل على الله.... إستنه خد اللعب كمان يا عيل. أبو: ..... و صورة حبيبتي اللي بين الكتب و هكتب لصاحبي اللي سافر جواب و أقوله حبيبك و صحبك تعب و قرر يسافر". عدوية: تسا...