علي رأي المثل ( قصف جبهة )

نعم لقد قررت أن أقصف جبهة بعض الأمثال الشعبية المغلوطة ، المحبطة ، الفاسدة والتي أثرت سلبا علي ثقافة أجيال و أجيال ، ضاربة بعرض الحائط حفنة من العادات والتقاليد المتوارثة والتي رغبت كثيرا أن أتخلي عنها و أحطمها تماما كما أرجو من المتلقي إعمال عقله في بعض الأمثلة الشعبية المترسخة في أذهاننا منذ الأذل والتي سوف أطرحها ؛ . . .

الموقف الأول :
راجل يقرر إنه يهزر مع مراته ويفرسها شوية فيقولها ( أنا هتجوز عليكي ) أكاد أُجزم إن كل واحدة الرد جاهز في دماغها ، مترسخ ومستحضراه تماما و من التراث ؛ فتقوله هتت .... ايه ؟ ، قال علي رأي المثل : ( اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور )....

أرجوعزيزتي الزوجة بعد إستخدامك لهذا المثل ؛ ألا تغضبي حينما يقول لكي الزوج : إعمليلي كوباية شاي يا (قرعة) أو يدخل من الشغل ويقولك : ها عملتلنا ايه النهاردة علي الغدا يا (قرعة) أو مثلا في عيد ميلادك يكتبلك علي التورتة ( بحبك يا قرعة ) .

أعذريني الحق عليكي لأنك سمعتي كلام ( القرعة ) اللي إخترعت المثل ، غير منطقي إن واحدة تُطلق هذا المثل ويظل لسنوات تستحضره كل بنات حواء في هذه المواقف المماثلة ، للدرجة دي التراث جنن الناس ؛ يعني أصف نفسي بالقرعة وأصف عدوتي إنها أم الشعور ، حتي إن تأثيره النفسي علي الرجل سلبي جداً ، تخيلي جوزك يفكر بينه وبين نفسه ( طب أنا ايه اللي يخليني قاعد مع القرعة ؛ ما طبيعي أخد أم الشعور ) ومش بعيد يروح  يدورعلي أم الشعور . 

وإذا كان لكل مثل عبرة أو هدف فما الهدف من هذا المثل ؛

يفترض معايرة الزوج بقلة الحيلة والضعف ، عذراً المعايرة هنا للزوجة وليست للزوج .

الموقف الثاني : 

تتعب الأم في تربية إبنها وتعلمه الفرق بين الصح والخطأ وتُجهد نفسيا وجسديا فتدخل عليها صاحبتها تلاقيها ( خلصانة ) فتقولها : يا أُختشي براحة علي نفسك شوية ، قال علي رأي المثل : ( ربي يا خايبة للغايبة ). . . . . .

نعم ، أفندم ، يفترض إن الأم ( خايبة ) عشان بتربي إبنها ( للغايبة ) اللي هي زوجة إبنها المستقبلية وطبعا يفترض إن أي أم تسمع هذا المثل ( نفسها تتقفل من التربية ) أنا شخصيا نفسي إتقفلت من التربية ، نُطلق بقه ولادنا بدون تربية في المجتمع ؛ لأنها هتتعب وتربي وفي الأخر هيتجوز ويسيبها ، فعلي إيه أتعب نفسي وأربي وأجتهد وتيجي ( الهانم ) تاخده علي الجاهز( بلاها تربية أحسن ) وبالطبع أول شخص هيتضرر من هذا المثل العبثي هي ( الأم ) نفسها لأن راجل كبير بدون تربية سوف يكون (عاق) بالتأكيد ،

أما عن الهدف من هذا المثل :

1. ترك الأولاد بدون تربية .

2. توليد العداء والإحتقان بين الأم وزوجة إبنها المستقبلية .

الموقف الثالث :

أب يشكو لصديقه تصرفات إبنه الشاب المتهورة والغير سوية فينصحه صديقه يا إسماعيل يا أخويا ؛ صاحبه وخده تحت جناحك : ( إن كبر إبنك خاويه ) . . . . .

لأ معلش حضرتك ، فرصة تانية إن شاء الله ، المثل ده فيه أجيال ضاعت بسببه ! !

طب ليه ، إنتي غريبة أوي ، المثل حلو وبيدعو للصداقة بين الأب وإبنه !

 ده صحيح هو مثل ( شكله حلو)  لكن مضمونه خاطئ ، يعني حضرتك تقضي عمر كامل مع إبنك تربي وتأمر وتنهي و تعاقب وتعامله كأب وفجأة لما يكبر تقوله ( إحنا كنا بنصور معاك في الكاميرا الخفية ، أنا في الحقيقة أخوك مش أبوك ) .......

عزيزي الأب المسكين ، ( خدعوك فقالوا ) إن كبرإبنك خاويه أو صاحبه  لأن مصاحبة إبنك تبدأ منذ الصغر، فإذا أردت مصادقته إبدأ معه منذ طفولته ، شاركه حياته وأحلامه ، إلعب بطريقته وإكبر معاه تكسب صداقته لأن غالبا الشاب الذي يتقرب منه والده في الكبر فاهم وعارف و ( فاقس ) الحركات دي وهيحاول (يريحك بس) وفي الأخرهيوصلك اللي هو عايزه فقط ( مش أسرار حياته ) عكس الأب اللي مصاحب إبنه منذ البداية ومتقرب منه ومن أصدقاءه كمان والنوع ده من الأباء هو اللي فعلا عارف كل شئ عن إبنه وبالتالي يقدر يتدخل بالنصيحة وينقذه من أي خطر في الوقت المناسب .

أما عن الهدف من هذا المثل :

هو تضليل الأب في تربية إبنه وعدم إعطاءه المعلومات الصحيحة .

الموقف الرابع :

أم قاعدة مع صديقتها ( بتفضفضلها ) عن إبنها اللي زعلانة منه جدا وعلي أخرها من تصرفاته فترفع الأم إيدها للسما وتقول : ( إلهي يا إبني تتسخط قرد مطرح ما إنت قاعد ) فصحبتها تقولها : ( آمين يا أوختشي ) ، فتبصلها الأم في غضب وتقولها : ( إلهي تتسخطي قرد إنتي كمان ) ، قال علي رأي المثل : ( أنا أدعي علي إبني وأكره اللي يقول آمين ) ........

المثل ده عسل والله ، يعني حضرتك يا أمي زعلانة من اللي بتأمن علي دعائك ، يعني حضرتك تدعي عليه عادي ، لكن محدش يقول آمين ، يعني والله الأخت اللي بتأمن علي دعائك دي جاية تجاملك وتمشي ( مش هنا المشكلة خالص ) هو لو حضرتك مش لامسة ( فين المشكلة ) فأحب أقولك إن المشكلة إن حضرتك تدعي علي إبنك أصلا ، يعني دعائك واصل لفوق ( مستجاب يعني ) ، وبعدين حضرتك هتزعلي جدا لما يتسخط قرد وهتيجي صاحبتك تاني تشمت فيكي وفيه وتقولك ( القرد في عين أمه غزال ) وندخل في قصة ملهاش أخر،. . . . .

أما عن الهدف من هذا المثل :

إن الأم تدعي علي إبنها ( عادي ) لكن إنت متقولش آمين عشان هتكرهك وتدعي عليك إنت كمان .

وطبعا مش ممكن هنسي المثل اللي مفيش حد بيكمله وهو ؛

( اللي يمشي ورا العيال ، ميخلاش م ........ )

حقيقي ، أنا منبهرة من المثل ده لأن كلنا بنقوله ومبنكملوش، طب بنقوله من الأول ليه ، يعني معرفش حد كمل فيه الصراحة وبالنسبة لي ممتع أوي لما ألاقي حد بدأ المثل وميكملوش ويبصلي ويبتسم ( إبتسامة خبيثة ) علي أساس إنتي عارفة الباقي وكده . . . أما لوإنت شاب ومع صحابك هتكمله طبعا عادي 

أما عن الهدف من هذا المثل :

تعليم الناس الأدب والإحترام ، لأنه ( لامؤاخذة ) المعلومة ناقصة فمعرفتش إيه هيحصل فمستفدناش حاجة .

والحقيقة مش أنا أول واحدة ( أسخر) من الأمثال ودي حاجة مطمناني ( إننا بنفكر) فبعض الشباب غيروا المثل كله زي : ( اللي سابته الهانم تاخده مساحة السلالم ) بدلا من : (اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور ) . أحسن من القرعة علي الأقل ،

أو مثلا : ( أنا أعمل حاجتي بإيدي ولا أقول للكلب يا سيدي ) بدلا من : ( إن كان لك عند الكلب حاجة قوله يا سيدي) .

بصفة عامة أنا أحترم التراث وأقدره جدا ، فما من أمة أو حضارة بلا تراث أو تاريخ وفيما يخص الأمثال وهي ( جزء من التراث ) ، فأهميتها تتمثل في تكوين معتقداتك وفلسفتك والمنطق الذي تتعامل به مع الأشياء و( أمثال الجدات ) محفورة في ذاكرتنا منذ الصغر ولكن إذا كانت الجدات قد قبلت بالتراث كما هو دون تنقيح أو تدبر في المعاني المدسوسة في قلب المثل ؛ فوجب علينا ونحن في عام 2018 أن نختار من التراث ما يتماشي مع أفكارنا وتحديات عصرنا وأن نؤيد من الأمثال فقط الجزء الحكيم ، المفيد  ذو المعني العميق والمؤثر بالإيجاب في حياتنا وأن نثور علي هذا الجزء الذي يدعو للتفكك أو يقدم نصائح مغلوطة أو يتعامل بسلبية مفرطة في بعض المواقف .


للإشتراك في المدونة :