الأغنية الشهيرة بتقول " بُكرا نهار
جديد نفرح فيه ويفرح فينا، نزرع الأرض مواعيد وحب وأمل وين ما مشينا ..........."
أُغنية جميلة بَحبها وبقدرها وكتير بدندنها، لكن بعد إذن حضرتك؛ سؤال فني: لماذا
" بُكرا " لماذا لم تقول " إنهاردة "
لماذا لم تبدأ زراعة الحلم اليوم و" دلوقتي "؟ !
مثلا لماذا لم نقول " إنهاردة نهار جديد
نفرح فيه ويفرح فينا “؟ !
في الحقيقة لا أعرف لماذا تكون البداية دائما
" بُكرا " بداية أي حلم، أي هدف، أي نجاح، أي تقدم، دائماً بتؤجل ل
" بُكرا " وكأن كلاً منا يحمل شهادة ضمان ل " بُكرا "
السؤال هنا " هل بُكرا موجود؟ "
شخصياً بحثت عن " بُكرا " كثيراً
ولكنه للأسف غير موجود بالخدمة، حد شاف بُكرا يا جماعة؟ قابلت بُكرا قبل كده؟ شوفت بُكرا يا كابتن؟
المشكلة إن بُكرا ده حكايته حكاية ترجع
أُصولها لأيام الطفولة، أقولك إزاي؛ إتفضل معايا مدد على الشزلونج، إنت مش غريب سيب
نفسك خالص، خد نفس عميق؛ فاكر وإنت صغير مرت عليك كام بُكرا مؤجلة إلى مالانهاية، إفتكر
كده، مثلا: أشهر بكرة مرينا كلنا بيها: " بُكرا لما تكبر هتعرف " وحضرتك
كطفل كنت تنتظر "بكرا" بمنتهي البراءة على أن تتحقق المعجزات وتعرف، لكن
كانت دايماً تطلع شمس بكرا دون أي تغيير أو معجزات ولا بتكبر ولا حتي بتعرف، وكل بكرا
كانت بتمر علينا بوعد أو أمل مؤجل دون تغيير، كانت بتغير مفهومنا عن بُكرا وكأن بُكرا
مجرد فكرة أو شئ غامض، شئ ليس له وجود، شيء مطاط، شيء دحلاب .......
فأصبح عقلك لا يُميز معني كلمة بُكرا ولا
يصدقها لأنه دائماً لا يأتي ولا يتحقق وأصبحت أنت تستخدم كلمة بُكرا بالوراثة
كمخدر موضعي مؤقت لمعالجة إحساسك بالذنب الناتج عن الرغبة في تحقيق شئ (فكرة، حلم،
هدف، سعي ......) فأصبح بُكرا "سارق لأحلامنا" فكل شئ مؤجل لبُكرا: بُكرا
هذاكر، بُكرا هبدأ أصلي، بُكرا هخطط لحياتي، بُكرا هبدأ في تحقيق أهدافي، بُكرا الدايت،
بُكرا وبُكرا .........
ولا تزال حتى الآن تقنع نفسك إن " بُكرا
" هتبدأ أي شئ في حياتك !!
شخصياً لا أزال أعاني من " التسويف " ل " بُكرا " بل وأُكرر نفس الخطأ مع أولادي وبمنتهى السذاجة، لأن بذرة بُكرا زُرعت
في رأسي منُذ طفولتي ونضجت معي وأصبحت شجرة كبيرة؛ شجرة تطرح فقط الطموحات
والأحلام والأفكار المؤجلة في كلمة " بُكرا "؛ شجرة تحتاج لإزالتها موافقات
ليست من الحي فقط وإنما من كل سكان المنطقة المجاورة لتلك الشجرة التي تخدعهم
بجمال ثمارها التي تحمل في كل منها حلم رائع وفكرة ثمينة وعزيمة قوية وإرادة من حديد.
حتى عندما أرادوا أن يزرعوا بداخلنا الأمل من
جديد في أغنية رائعة، أجلوا الحلم ل " بُكرا “.
أغنية مؤجلة بأحلام مؤجلة لحين ظهور " بُكرا
“، وبكل لهجات العرب ولذلك أقترح أن نسميها " الحلم العربي المؤجل “.
وإذا كانت الأغنية بتقول " بُكرا نهار
جديد نفرح فيه ويفرح فينا " فأحب أن أُعلق إن " بُكرا هيفرح فينا
فعلاً و هيطلعلنا لسانه كمان.
فإن لم نُدرك طبيعة هذا اللص المخادع "
بُكرا " الذي يخدعنا بشمسه الساطعة وعصافيره المغردة وجوه الرائع وأملُه الجديد،
لأصبحنا ضحاياه.
لذلك حاول أن تُغير مفهوم " بُكرا" داخل عقلك لأن عقلك لا
يستوعب سوي هذه اللحظة، حاول أن تُدشن علاقة صداقة جديدة بينك وبين بُكرا ولا تجعله
عائقاً لأحلامك وذلك بأن تجعل لليوم نصيب من أعمالك وأهدافك المؤجلة، فالبداية "
إنهاردة " تجعل " بُكرا " صديق حتى وإن أنجزت القليل في يومك هذا،
مجرد البداية تجذب إليها المزيد، فقديماً قال الحكماء " لا تؤجل عمل اليوم إلى
الغد " في زمان كانت أوقاته مبُاركة وحافلة بالإنجازات فما بال قوم يصبح أطفالهم
عجائز في طرفة عين.
تعليقات
إرسال تعليق